الجمعة، 15 فبراير 2019

بيسه


أعرفه من وقع خطواته ... يقترب في هدوء بصوت أقدامه المميزة
تك تك ... تك تك
لا يفتح الباب فقط، بل يفتح قلبي علي سعادة لا وصف لها.
ما أن أراه حتي أركض سريعاً إليه متهللة ... يضمني إليه في حنان ويقبلني، ثم يضع طبق الطعام أمامي ويتحدث إلي.
بيسة ... هذا هو الاسم الذي أطلقه عليَّ صديقي، أنتظره حتى ينطقه فألبي النداء، ما أن نجلس سوياً أجده لا ينقطع عن الحديث إلى ... علَّني لا أفهم شيئاً من كلامه، ولكن يكفيني أن أنظر وجهه حينما يتحدث.
لست غبية بالتأكيد، ولكنني لست مثلكم، فأنتم تمشون على إثنين ... تأكلون بإثنين، أما أنا فأمشي على أربع ولا أحتاج شيئاً سوي فمي كي أكل وأشرب، لا يوجد لديكم هذا الكم من الأبيض - اللون الوحيد الذي أعرفه - على أجسادكم مثلما أنا، لدي أذنان أطول من أذانكم، وبالطبع فأنتم تفوقنني طولاً فأنا أصل إلى منتصفكم بالكاد.
أنتم تتحدثون لغة لا أعرفها، بينما أتحدث أنا لغة لا تعرفونها. منذ ولدت وجدت نفسي في تلك الغرفة، لا أعرف شيئاً عن العالم سواها، فهي بالنسبة لي كل حياتي ... لن أطيل عليكم فليست الغرفة سوي مكان صغير بأربعة جدران، على يساري أجد باب وعلى يميني الحائط يتوسطه نافذة صغيرة أنظر منها إلي السماء من حين لأخر وأتنسم العليل كلما أُتيح لي ذلك، أما عن الباب فهو مغلق دائماً يُفتح فقط حينما يحضر أصدقائي، في منتصف الغرفة تجد كرسياً صغيراً وضعه صديقي كي يجلس عليه كلما حضر ... ألوان الغرفة ... إممممم ... لا أدري فأنا لم أعرف الألوان بعد.
قد تظنون أنني سجينة في هذا المكان، ولكنني في الحقيقة لست كذلك، فإن حمزة صديقي ...
نعم نسيت أن أقول لكم ... فهذا الشخص الذي أتحدث عنه اسمه حمزة، دائماً ما أسمع أطفاله وزوجته ينادونه بهذا الاسم .... يا إلهي، كم أتمنى أن أنطق اسمه مرة واحدة مثلما تستطيعون أنتم أن تنطقوه، ولكنني لا أستطيع.
لنرجع مرة أخري إلى موضوعنا الأهم، لما لا أعتبر نفسي سجينة الغرفة؟
الأمر غاية في البساطة، فلدي من الأحباء ما يجعلني ممتنة ... في الصباح وعند شروق الشمس تحضر الزوجة ... يدعوها حمزة باسم فوزية أما الأولاد فيطلقون عليها اسم ماما، فهي أقل قامة من حمزة لها شعر طويل، أحبها كثيراً مثلما تحبني. هذا هو كل ما أستطيع وصفه.
تدخل غرفتي فتقوم بتنظيف الغرفة من الفوضى التي أحدثتها، تحضر إليَّ الطعام والشراب في أطباق محل الأطباق القديمة، أكل طعامي وأنتظر حتي يدخل الأولاد، حيث يحيطون بي بعدها ... أطولهم قامة يدعونه صابر والمتوسط فرج والقصير بينهم ينادونه باسم كوكو، يحضر الثلاثة كل صباح إلي غرفتي ونلعب سوياً، نركض ونركض ثم نركض ... نستمر علي هذا الحال حتي ينهكنا الجري، نلهث، ولكننا لا نتوقف ... قد يمر أحدهم من فوق رأسي ... وقد نجري وراء بعضنا البعض، وفي بعض الأحيان يحضرون الكرة، يرميها صابر في اتجاه كوكو أو فرج فأحاول أنا أن أبعدها، قد أنجح مرة وقد أفشل في الأخرى، وإن نجحت فلا أفعل شيئاً إلا تحريك الكرة برأسي بصعوبة، فيلتقطها مني أحدهم ونعيد الكَرَّة مرة تلو الأخرى، وهكذا نستمر في المرح طويلاً إلي أن تحضر فوزية.
هنا ينتهي وقت اللعب مع الأطفال الثلاثة، فما أن تدخل فوزية إلا وتأمُر الأطفال بالخروج، وهنا تنظر إلى مبتسمة ... تربت على رأسي في حنو ... تراقب مقدار الطعام والماء الموضوع أمامي وتزيده إن نقص ... وللمرة الثانية تقوم بتنظيف المكان، فيصبح المكان رائعاً دائماً.
في بعض الأيام أجدها تقوم بغسلي بماء دافئ، كم يجعلني ذلك أشعر بالانتعاش. أليس ذلك رائعاً أن تجد أحدهم يقوم برعايتك؟! نعم لهو شيء عظيم، فهي تقوم بذلك بلا ضجر، وما أن تنتهي من ذلك حتى تغادر الغرفة، وأظل وحيدة لبعض الوقت، أستغل ذلك في الأكل أو النوم والاسترخاء، وبعدها أنتظر حمزة ... يمر الوقت بطيئاً في الانتظار ولكنه لم يخلف موعداً يوماً ... فها أنا أبدأ الفترة الأخيرة من نشاطي اليومي، الفترة المحببة.
حمزة هو الشخص الذي يفيض حناناً تجاهي أكثر من جميعهم، يجلس معي طويلا كل يوم، فكما أخبرتكم سابقاً فهو يدخل غرفتي سعيداً، أركض إليه فيقوم بضمي إليه ويقوم بتقبيل رأسي ومن ثم يقوم باستكمال ما تفعله فوزية فهو يداعبني ويقوم بإضافة الطعام والشراب لي، يجلس أمامي يراقبني وفي أوقات أخري أذهب إليه وأضع رأسي على قدميه، أحب ذلك فهو يقوم بالربت على ظهري، فأستغرق مسترخية ويقوم هو بالحديث إليَّ طويلاً، كل ما أفهمه هو مدي محبته لي، يكفيني فقط أن أنظر إلى وجهه فأعرف ذلك.
أفهمتم الأن لماذا لا أظن نفسي حبيسة؟ أن أكون مع من أحبهم في مكان وإن كان غرفة صغيرة، لهو أفضل لديَّ من أن أُطلق حرة في كل العالم بلا أحباء.
هكذا يمر يومي وينتهي فأذهب بعدها لأنام، لا أمِل من ذلك وإن تكرر كل يوم.
ها يبدأ يوماً جديداً، تدخل فوزية وتكرر ما تقوم به كل صباح، يدخل بعدها الأولاد ونلعب سوياً وينتهي وقت اللعب سريعاً كما لو لم نلعب، وتحضر فوزية مرة أخري ويخرج الأولاد وتنظف الغرفة.
وأظل أنتظر حمزة
تك تك ... تك تك
ها هو ذا قد وصل أخيراً، ما أن فتح الباب حتى ركضت إليه، ولكنني توقفت فجأة قبل أن أصل إليه، حمزة لم يكن كما أعرفه فلديه وجه مختلف هذه المرة، أين ابتسامتك؟ بل وأيضاً أين طعامي؟  ... هل نسيته؟
أه لقد أحضرت شيئاً أخر معك ربما هو شيئاً جديداً لي، تمسكه من طرفه الأول ويتلألأ بقيته مع ضوء الغرفة، وله طرف أخر مدبب في نهايته.
ركضت إليه قاطعة المسافة المتبقية، وانتظرت ربما يعطيني هديتي ولكنه لم يفعل ... وبدلاً عن ذلك فعل ما يفعله كل يوم، فقد ضمني إليه بقوة وقبلني ... ربت على رأسي ومشينا سوياً بضعة خطوات إلى أن وصلنا إلى مقعده الموجود بمنتصف الغرفة، جلس كعادته وأخذ ينظر إليَّ طويلا، ربما هي المرة الأولي التي أراه ينظر إليَّ بهذا الشكل، كما لو أنه يخفي شيئاً ... ببطء ذهبت إليه ووضعت رأسي على قدميه بينما جسدي يتمدد أمامه، ألن تعطيني ما قد أحضرته لي؟ فمازال في يدك ولم تتركه لحظة واحدة منذ دخولك.
ربما تريدنا أولاً أنا نمضي وقتاً أطول معاً، ربما ترديني أن أنام ... حسناً ... ها أنا أستسلم، فالشعور بالاسترخاء لهو من أفضل الأشياء المحببة إليَّ.
لماذا تضغط رأسي بكل تلك القوة الأن؟ إنك تؤلمني.
أشعر كما لو أن شيئاً ما قد انغرس في رقبتي ... أااااه إنه لشعور مؤلم ... دع رأسي وشأنها يا حمزة فأنا لا أشعر بأنني علي خير حال، لماذا ما تزال تمسك برأسي بتلك القوة؟
أااااااه ... لم أختبر طيلة حياتي كم هذا الألم مثلما أشعر به الأن، فرأسي تثقل وينغرس شيئاً فيها أكثر وأكثر، جسدي ينتفض، وأشعر بالماء الدافئ يحيط بي من كل مكان، لربما أفرطت في اللعب اليوم، فأنا لا أستطيع الحركة الأن ... أشعر بأنني أختنق ... وينبغي على أن أستريح، ربما على أن أنام.
ها أنا أستسلم ... ها أنا أذهب بعيداً ... رويداً ... رويداً.
حمزة .... لا أريد أن أنام قبل أن تقبلني مرة أخيرة ... لا أريد أنا أنام قبل أن أسمعك تنادي اسمي.
بيسة
بيتر الياس
15 فبراير 2019

السبت، 2 فبراير 2019

المخادعان


لم يكن سمة شيء جديد في حياة هيثم نبراوي ... تشابهت أيامه ... فمنذ استيقاظه في السابعة صباحاً للذهاب إلي عمله ... ورجوعه عند الخامسة ... ثم لقاءه أصدقاءه علي المقهي المجاور للمنزل عند السابعة مساءاً ... نهاية بذهابه للنوم في الثانية عشر منتصف الليل من كل يوم.
لا جديد، فكل الأيام تتشابه
-          لماذا لا أجرب شيئاً جديداً
دار ذلك في ذهن هيثم نبراوي واستمر يفكر
-          عمل .... لعب علي المقهي كل يوم ... ماذا أستطيع أن أفعل خلاف ذلك؟
قد يكون لمن هم في منتصف العشرينات كعمر هيثم نبراوي بعض الأهداف، التعرف علي فتاة ... التحضير من أجل زيجة في المستقبل ... الحصول علي مزيد من التعليم ... والكثير، أما هيثم نبراوي فلم يكن من ذلك النوع من الشباب.
-          حسناً ... أحب أن أضحك وأتسلي أكثر ... هذا هو مقصدي.
إرتسمت علي وجهه ابتسامة، فقد عرف وجهته.
في اليوم التالي وعند لقاءه بأصدقاءه بادرهم بما جال بذهنه من أفكار ليلة أمس، وما ان سرد التفاصيل حتي ضحك أصدقاءه محمود ومازن وكريم، وبعدما انتهوا قال محمود:-
-          إذن فأنت تريد أن تدخل علي غرف الدردشة متحدثاً وكأنك فتاة؟!
أومأ هيثم نبراوي رأسه إيجاباً، فعقب كريم قائلاً:-
-          فكرة قديمة للغاية، أأنت متأكد من ذلك؟
أومأ هيثم نبراوي مرة أخري ايجاباً، فما كان من كريم إلا أن واصل قائلاً:-
-          وتريد أن تجعل أحدهم يقع في حبك؟ ما أسوأ حظ هذا الشخص ... سيقع في حب أبو شنب.
ضحك الجميع أكثر من المرة الأولي، وهنا قطع مازن الوصلة قائلاً:-
-          لماذا لا نزيد من الفكاهة، وليكن أن تطلب مقابلة هذا الحبيب، ولنري جميعاً ما في وجهه من بؤس حينما يراك.
لم يستطع الأصدقاء الأربعة تمالك أنفسهم بعدما قام مازن بإضافة موضوع المقابلة للفكرة الأصلية، وبعد برهة قال محمود:-
-          وماذا تقترح أن يكون اسم الحسناء؟
فعلق مازن مبتسماً
-          سوسن
وقال كريم
-          ربما رحاب أو فاتن أو ...
أشار هيثم نبراوي بيده مستوقفاً كريم:-
-          فاتن، فليكن هذا هو الاسم.
وهنا جمع هيثم حاجياته واستأذن منصرفاً وهو يقول:-
-          دعوني أذهب الأن، فالحكمة تقول ...
وابتسم مرة أخري مستكملاً:-
-          لا تؤجل عمل اليوم إلي الغد.
تركهم هيثم ومازال أصدقاءه غارقين في نوبة من الضحك لا تنقطع، وبعد دقائق قليلة كان قد وصل إلي منزله، فما لبث أن فتح جهاز الكمبيوتر وبدأ الدخول لغرفة الدردشة مستخدماً حساباً جديداً بإسم فاتن، واضعاً صورة للممثلة سكارليت جوهانسن.
في مجتمعاتنا ليس غريباً أن يستقبل هيثم نبراوي بعد كل ذلك أكثر من عشرون دعوة للدردشة في أقل من ثلاثون دقيقة، كان عليه أن يختار من منهم يكون فريسته، وفي النهاية استقر به المطاف لقبول الدعوة من شخص يضع صورته ، وقد ظهر منها أنه ما قد يكون أقرب إلي الثلاثينات، بوجه دائري فاتح البشرة وعيون سوداء.
لمعت عينا هيثم وبدأ التعرف علي ضحيته.
في اليوم التالي ذهب هيثم يقص ما حدث إلي أصدقاءه قائلاً:-
-          اسمه شريف ... هههههههه ... 31 عاماً ويعمل مهندساً ... وبالطبع أخبرني أنه ليس متزوجاً.
ضحك الجميع واستمر هيثم في الحديث عن تلك الدردشة ... وكيف اخترع قصة عن فاتن ذات ال 25 عاماً، تعمل مهندسة ديكور ... وليست مرتبطة.
أنهي هيثم حديثه سريعاً معللاً ذلك بأنه علي موعد للحديث مع شريف.
وبالفعل استمر هيثم في تأدية دور فاتن، محاولاً التقرب لشريف بهدف استكمال لعبته.
ليس من الصعب في مجتمعاتنا أن تستميل فتاة شاب أو العكس، فالأغلب أن يقع الشاب أو الفتاة في غرام الطرف الأخر ... خاصة وان لم يكن لديهم من التجارب والخبرات ما يجعلهم ينتظروا التوقيت والشخص المناسب، فالاحساس بالاحتياج يكون عاملاً والتحرر من الأسرة قد يكون عاملاً أخر، حتي ان لم يري الشخص الطرف الأخر، فنجد أننا نضع مواصفات فتي أو فتاة أحلامنا علي الشخص الذي نتحدث إليه ونجعل منه الشخص المثالي كشريك للحياة.
استمرت الدردشة بين فاتن وشريف في موعدها لأيام، يضحك من خلالها هيثم نبراوي كل يوم من بلاهة شريف
-          كيف يمكن لك أن تتحرق شوقاً لإحداهن، وحتي وان لم تسمع صوتها قط ... أراك الأن لا تنام وتتمني لو كنت أمامك"

ضحك هيثم نبراوي مجلجلا وهو يقول هذا أمام شاشة الكمبيوتر، ثم استكمل قائلاً:-
-          أعتقد أن الوقت قد حان الأن.
بعد ذلك وعند أول لقاء جمع بين هيثم نبراوي وأصدقاءه قص عليهم ما يحدث وكيف يأنس شريف له وان لم يمر علي تعارفهم أكثر من سبعة أيام، وكيف أن شريف قد أفصح له عن اعجابه بفاتن.
هنا تدخل مازن قائلاً
-          تقصد اعجابه بك.
كانت جلسات الضحك لا تنتهي بين هيثم نبراوي وأصدقاءه بعدما بدأ هيثم تلك الخدعة، وازداد ضحكهم مع الوقت خاصة وأنهم قد اقتربوا من مقصدهم.
-          هل طلب رقم تليفونك؟
هكذا قال محمود موجهاً حديثه إلي هيثم نبراوي، الذي أجاب:-
-          نعم حدث ذلك، ولكنني رفضت بالطبع.
نظر مازن إليه مبستماً وقال:-
-          قطعاً ... فأنت من أسرة محافظة.
قهقه الجميع مرة أخري، إلي أن قال كريم.
-          فلتطلب مقابلته إذاً.
واستطرد مازن قائلاً:-
-          ولنذهب معك جميعاً ونري من وراء الستار، كيف يستقبل الأبله حبه لعبد الجبار!!
إنفجر الجميع ضاحكين مرة أخري كالعادة، واتفقوا بعدها علي جعل المقابلة يوم الأربعاء في كازينو الأمراء، ووعد كريم بحجز طاولة بالكازينو عند الثامنه في اليوم المنشود.
وبالفعل أبلغ كريم صديقه هيثم نبراوي برقم الطاولة بعدما قام بحجزها.
وعند أول محادثة بين فاتن وشريف، أقرت فاتن عن مبادلتها نفس مشاعر شريف، هذا وقد اقترحت عليه اللقاء، ولكن جاء الجواب بالرفض نظراً لإلتزامات شريف في ذلك التوقيت.
لم ييأس هيثم من المحاولة والإلحاح إلي أن وافق شريف في النهاية قائلاً أنه سيحاول تأجيل كافة مواعيده ذلك اليوم للقاء فاتن في الزمان والمكان، علي الطاولة التي حجزها كريم.
جاء اليوم المنشود ... تجمع الأصدقاء وتعمدوا الوصول 20 دقيقة متأخرين إلي الكازينو، وما أن وصلوا حتي قال هيثم نبراوي وهو يكتم ضحكة هاربة:-
-          ها هو ينتظرني ...
تمالك نفسه واستكمل قائلاً:-
-          فلتكونوا علي مقربة مني ... حتي وإن حاول الإشتباك معي، فتحولون أنتم دون ذلك.
أومأ الجميع بالموافقة، وهنا قال محمود.
-          حظنا السيئ ... فهو يجلس وظهره لنا ... كيف سنستطيع أن نري وجهه الأن؟ وما هذه القبعة العجيبة التي يرتديها؟؟
أجابه هيثم نبراوي:-
-          دعك من هذا الأن ... سأذهب إليه وأجعله يقوم مُظهراً وجهه لكم.
تقدم هيثم بخطوات بطيئة نحو الطاولة، يمني النفس بمشهد لا ينساه طيلة حياته.
هنا وصل هيثم نبراوي إلي الطاولة ... وقف وراء كرسي شريف الذي لم يكن يظهر منه إلا القبعة... خفق قلبه جدياً وراحت أنفاسه تتسارع لأول مرة منذ بدأ هذه اللعبة، وأثناء ذلك ربت علي كتف شريف مرتين قائلاً:-
-          شريف؟؟
إنتفض شريف من الطاولة وما إن قام واستدار حتي رأي هيثم نبراوي أمامه شيئاً لم يكن يتوقعه ... شريف لم يكن إلا فتاة تتمتع بملامح قريبة من ذات الصورة الموضوعة علي غرفة الدردشة، ذات العين ولون الشعر والبشرة واستدارة الوجه، ولكنها أجمل في شكل فتاة، نظرت إليه الفتاة مدهوشة قائلة:-
-          فاتن؟؟
صعق أصدقاء هيثم نبراوي من الموقف الغريب، ولم يستطع أحداً أن يتحرك.
بالفعل وكما تمني هيثم فلن يمحي هذا أبداً من الذاكرة، وحينما تمالك هيثم نبراوي نفسه قال وهو ينظر إلي الفتاة:-
"للجميع الحق في التسلية، ومن خدع يُخدع"
تمت
بيتر الياس
2-2-2019